رعب تسونامي يعود مجددا: كل ما تريد معرفته عن زلزال كامتشاتكا في روسيا

شهدت شبه جزيرة كامتشاتكا في الشرق الأقصى الروسي، ليل الثلاثاء، واحداً من أعنف الزلازل في التاريخ الحديث، بلغت شدته 8.8 درجات على مقياس ريختر. وقع الزلزال على بعد نحو 136 كيلومتراً جنوب شرق مدينة بتروبافلوفسك كامتشاتسكي، وعلى عمق ضحل لم يتجاوز 19 كيلومتراً، مما زاد من شدة تأثيره ورفع خطر موجات التسونامي المصاحبة له.
ويعد هذا الزلزال الأقوى في كامتشاتكا منذ زلزال عام 1952 الذي بلغت شدته 9 درجات، ويحتل المرتبة السادسة بين أقوى الزلازل المسجلة في العالم. الهزة الرئيسية ترافقت مع سلسلة من الهزات الارتدادية تجاوزت قوتها 7 درجات، ويتوقع أن يستمر هذا النشاط الزلزالي المرتفع لأسابيع قادمة.
تسونامي يضرب ويفزع المحيط
أعقب الزلزال أمواج تسونامي عنيفة ضربت كامتشاتكا وجزر الكوريل، حيث بلغت الأمواج في بعض المناطق 5 أمتار، وأدت إلى فيضانات وأضرار جسيمة، من بينها تدمير مصنع للأسماك ومبانٍ عامة. وفي سيفيرو-كوريلسك، صدرت أوامر إخلاء بعد غمر المياه للمدينة.
التحذيرات لم تقتصر على روسيا، بل امتدت إلى كامل حوض المحيط الهادي. في اليابان، أغلقت السلطات مطار سنداي، وأخلت أكثر من 900 ألف شخص من 133 بلدية، بعد تسجيل موجات أولية بلغ ارتفاعها 1.3 متر. وفي هاواي، أعلنت حالة الطوارئ، وسُجلت أمواج تجاوزت 1.2 متر. أما الساحل الغربي للولايات المتحدة وكندا فقد وُضعت في حالة تأهب من ألاسكا وحتى كاليفورنيا، مع تحذيرات رسمية من أمواج عالية.
وصدرت أيضاً إنذارات تسونامي في الفلبين، إندونيسيا، نيوزيلندا، أستراليا، الإكوادور، وتشيلي، وسط متابعة حثيثة لأي تطورات إضافية تهدد سواحل هذه الدول.
الأضرار والإصابات
حتى الآن، لم تُسجل إصابات خطيرة، لكن الأضرار في كامتشاتكا محلية وملموسة، من بينها تضرر روضة أطفال وانقطاع التيار الكهربائي في بعض المناطق. عمليات الإخلاء السريعة وتحذيرات التسونامي المبكرة لعبت دوراً في الحد من الخسائر البشرية، رغم استمرار مخاطر الهزات الارتدادية.
وفي اليابان، وعلى الرغم من انخفاض شدة الأمواج نسبياً، تم إجلاء مئات الآلاف احترازاً. بينما لا تزال الولايات المتحدة، وكندا، وجزر المحيط الهادي في حالة مراقبة وتحفّز تحسباً لأي تطورات إضافية.
ذاكرة الزلازل السوداء في كامتشاتكا
الزلازل ليست غريبة على كامتشاتكا، وهي من أكثر المناطق النشطة زلزالياً بسبب وقوعها على "حلقة النار". وتاريخ المنطقة يحمل أربعة زلازل كبرى غيرت ملامحها:
-
زلزال 1737: تراوحت شدته بين 9 و9.3 درجات، وأحدث تسونامي دمر مستوطنات عديدة.
-
زلزال 1841: تجاوزت قوته 9 درجات، وضرب هاواي بموجات ارتفاعها 4.6 أمتار.
-
زلزال 1952: بلغت شدته 9 درجات، وصُنّف خامس أقوى زلزال مسجل، وأغرق سيفيرو-كوريلسك بأمواج بلغت 12 متراً.
-
زلزال 1923: تسبب في موجات تسونامي بارتفاع 30 متراً، أدت إلى مصرع 36 شخصاً ووصلت إلى سواحل أمريكا وهاواي.
كارثة على حافة التمدد
ما حدث في كامتشاتكا ليس مجرد زلزال قوي، بل تحذير صريح من قابلية "حلقة النار" للاشتعال. فكلما زادت شدة الزلازل وقلّ عمقها، زاد خطر التسونامي وانتشار الدمار عبر سواحل المحيط الهادي الشاسعة.
العالم يترقب، والأجهزة الجيولوجية في حالة إنذار قصوى، بينما تسود أجواء من القلق بين الشعوب الساحلية من روسيا إلى نيوزيلندا، ومن اليابان إلى كاليفورنيا. فهل كانت هذه الهزة هي بداية سلسلة أخرى من الكوارث؟ أم أن الطبيعة أعطت إنذارًا مبكرًا لا ينبغي تجاهله؟