وسط حصار إسرائيلي خانق وصمت دولي مشين
أكثر من 100 منظمة إغاثية وحقوقية تدق ناقوس الخطر: المجاعة تنتشر في غزة

في تحذير جماعي جديد يعكس عمق الكارثة الإنسانية في قطاع غزة، دعت أكثر من 100 منظمة إغاثية وحقوقية دولية، الأربعاء، حكومات العالم إلى التحرك العاجل في وجه تصاعد المجاعة في القطاع المحاصر، مطالبةً بـوقف فوري ودائم لإطلاق النار ورفع جميع القيود المفروضة على دخول المساعدات الإنسانية.
وفي بيان وقّعت عليه 111 منظمة دولية، من بينها ميرسي كور والمجلس النرويجي للاجئين وريفيوجيز إنترناشونال، حذّرت هذه الجهات من اتساع نطاق المجاعة الجماعية في غزة، في وقت تتكدّس فيه آلاف الأطنان من المواد الغذائية والمياه النظيفة والإمدادات الطبية وغيرها خارج حدود القطاع، من دون أن تتمكن المنظمات الإنسانية من إيصالها أو الوصول إليها، بفعل المنع الإسرائيلي المستمر.
وقالت المنظمات:
"بينما يُجَوِّع حصارُ الحكومة الإسرائيلية سكانَ غزة، بات عمّال الإغاثة أنفسهم يقفون في طوابير الطعام، ويتعرّضون لخطر إطلاق النار فقط من أجل إطعام أسرهم. لقد نفدت الإمدادات تمامًا، والمنظمات الإنسانية تشهد تدهور أحوال زملائها وشركائها أمام أعينها".
وأضاف البيان:
"القيود والتأخيرات والتفتيت المتعمد الذي تمارسه إسرائيل في ظل حصارها الكامل خلق فوضى، ومجاعة، وموتًا جماعيًا".
رفض التوزيع العسكري ودعوة لاستعادة الدور الأممي
المنظمات الموقّعة طالبت حكومات العالم باتخاذ إجراءات فورية وملموسة، تشمل:
-
رفع جميع القيود البيروقراطية والإدارية المفروضة على دخول المساعدات.
-
فتح كافة المعابر البرية بشكل دائم.
-
ضمان وصول المساعدات إلى جميع أنحاء قطاع غزة دون استثناء.
-
رفض نموذج التوزيع الخاضع للسيطرة العسكرية، والدعوة إلى استعادة استجابة إنسانية مبدئية تقودها الأمم المتحدة.
وأكّد البيان:
"على الدول أن تتخذ خطوات حقيقية لإنهاء الحصار، مثل وقف تزويد إسرائيل بالأسلحة والذخيرة".
انتقادات شديدة للدور الأمريكي والمؤسسة المدعومة من واشنطن
رغم أن إسرائيل تتحكّم في جميع الإمدادات التي تدخل غزة، فإنها تواصل إنكار مسؤوليتها عن أزمة الغذاء، وهو موقف تصفه المنظمات الحقوقية بأنه "تضليلي وغير أخلاقي".
وكشفت المنظمات أن أكثر من 800 فلسطيني قُتلوا في الأسابيع الأخيرة أثناء محاولتهم الوصول إلى الغذاء، ومعظمهم في عمليات إطلاق نار جماعي نفذها جنود إسرائيليون قرب مراكز توزيع تابعة لمؤسسة غزة الإنسانية، وهي هيئة مدعومة من الولايات المتحدة.
وقد تعرّضت هذه المؤسسة لانتقادات شديدة من منظمات إنسانية، من بينها الأمم المتحدة نفسها، بسبب افتقارها للحياد، وانخراطها في آليات توزيع تخضع للرقابة العسكرية الإسرائيلية.
عشرات الآلاف شهداء الإبادة والمجاعة
وبحسب الإحصاءات الحقوقية، استشهد ما يقرب من 60 ألف فلسطيني في غزة منذ بدء العدوان الإسرائيلي في أكتوبر 2023، عبر القصف الجوي والمدفعي وعمليات القتل المباشر.
وللمرة الأولى منذ اندلاع الحرب، أعلنت السلطات الفلسطينية أن العشرات من المواطنين بدأوا يموتون جوعًا، وسط صدمة شعبية وشحّ غير مسبوق في الموارد الأساسية.
وقد نفدت جميع المخزونات الغذائية في غزة منذ أن قطعت إسرائيل الإمدادات بشكل كامل في مارس، قبل أن تخفف الحصار جزئيًا في مايو ضمن إجراءات مشددة قالت إنها تهدف لمنع وصول المساعدات إلى الفصائل المسلحة، في تبرير رفضته المنظمات الحقوقية باعتباره محاولة لعقاب جماعي غير قانوني.
المجلس النرويجي: موظفونا بدؤوا يعانون الجوع
وفي تصريح لوكالة رويترز، أكد المجلس النرويجي للاجئين أن مخزون المساعدات لديه في غزة قد نَفِد بالكامل، وأن بعض موظفيه باتوا يعانون من الجوع الفعلي. واتّهم المجلسُ الحكومةَ الإسرائيلية بـشلّ عمله بالكامل من خلال العراقيل الإدارية والعسكرية المتعمدة.
هذا التحذير، الذي يأتي من قلب المنظمات العاملة على الأرض، يعكس انهيار النظام الإنساني في غزة بشكل كامل، في ظل حصار دموي وانعدام للردع الدولي، واستمرار أمريكا والدول الأوروبية في دعم إسرائيل دبلوماسيًا وعسكريًا، رغم كل التحذيرات والنداءات.
وباتت غزة اليوم – كما تقول المنظمات – تحت رحمة الحصار والموت، بينما العالم يراقب بصمت مخجل.