814 قتيلاً في السويداء بينهم أطفال ونساء وأطقم طبية: تصاعد دموي يكشف هشاشة الدولة واستباحة القانون

وثّقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان مقتل ما لا يقل عن 814 شخصاً في محافظة السويداء، خلال الفترة الممتدة من 13 يوليو 2025 وحتى تاريخ نشر التقرير، بينهم 34 امرأة – إحداهن قضت بأزمة قلبية بعد تلقيها نبأ استشهاد حفيدها – و20 طفلاً، بالإضافة إلى 6 من العاملين في القطاع الطبي بينهم 3 سيدات، واثنين من الطواقم الإعلامية، إلى جانب إصابة أكثر من 903 مدنيين بجروح متفاوتة الخطورة، في واحدة من أكثر موجات العنف دموية في تاريخ المحافظة.
فوضى مسلحة وسط فراغ أمني شامل
تأتي هذه المجزرة في سياق تصعيد دموي غير مسبوق شهد اشتباكات مسلحة، وعمليات قتل خارج القانون، وقصف متبادل، وصولاً إلى هجمات جوية إسرائيلية على المنطقة، وسط تفكك كامل في منظومة الدولة، وانفلات مجموعات محلية مسلحة، بعضها من أبناء المحافظة، وأخرى عشائرية من البدو، خارجة عن سيطرة الحكومة.
الحصيلة شملت مدنيين ومقاتلين محليين، إضافة إلى عناصر من قوات الأمن الداخلي ووزارة الدفاع. وتشير الشبكة إلى أن هذه الأرقام أولية وتخضع للتحديث المستمر، مع استمرار عمليات التحقق من هوية الضحايا وتصنيفهم بين مدنيين ومقاتلين.
ورغم أن الشبكة لا توثّق مقتل المقاتلين الخارجين عن سيطرة الدولة إذا قضوا في اشتباكات مسلّحة، إلا أنها توثّق مقتل أي شخص بعد إلقاء القبض عليه، باعتباره جريمة قتل خارج نطاق القانون.
انهيار منظومة الحماية
تُظهر هذه الأرقام فداحة الانهيار الأمني في السويداء، حيث لم تُميّز رصاصات القتل بين طبيب ومريض، أو إعلامي ومسلّح، أو شيخ وطفل، فيما بدت الدولة غائبة عن حماية المدنيين أو تأمين الحد الأدنى من المساعدات. وقد دعت الشبكة إلى تحقيقات مستقلة وشفافة في كل حالات القتل، وضمان وصول المساعدات، واحترام المرافق المدنية ومنع استخدامها عسكريًا.
توصيات للحكومة السورية: قوة القانون لا الرصاص
طالبت الشبكة الحكومة السورية بعدد من الإجراءات الفورية، أبرزها:
-
ضبط استخدام القوة بما يتوافق مع المعايير الدولية، ومنع القصف العشوائي.
-
ضمان وصول المساعدات وتوفير الحماية للمرافق الطبية والإغاثية.
-
فتح تحقيقات شفافة في جميع الانتهاكات ومحاسبة المسؤولين.
-
إشراك المجتمع المحلي ووجهاء العشائر في جهود التهدئة والحوار.
-
تحييد المدارس والمستشفيات ودور العبادة عن ساحة النزاع.
-
وقف الخطاب الطائفي والتحريضي في الإعلام ووسائل التواصل.
كما شددت الشبكة على ضرورة تعزيز الإعلام المسؤول، وتوفير آليات شفافة للشكوى والمساءلة في أي عمليات أمنية، وتقديم رعاية شاملة للضحايا وذويهم، والانخراط في مسارات العدالة الانتقالية.
رسائل لباقي الأطراف المسلحة: كفّوا عن الانتقام
ولم تغفل الشبكة عن توجيه رسائل حازمة إلى باقي الأطراف المنخرطة في النزاع داخل السويداء، داعية إلى:
-
وقف إطلاق النار فوراً والتوقف عن استخدام السلاح أو التحريض على العنف.
-
الامتناع عن استهداف المدنيين أو المرافق الخدمية.
-
التعاون مع جهود الوساطة المحلية والرسمية.
-
رفض خطابات التحريض والثأر وعدم الانجرار وراءها.
-
احترام جهود الوجهاء والمجتمع الأهلي في التهدئة.
صرخة لوقف النزيف
تقرير الشبكة لا يرصد فقط الأرقام، بل يقرع جرس الإنذار: ما يجري في السويداء نموذج مكرر لانهيار الدولة السورية في مناطق أخرى، حيث تتحوّل الفوضى إلى قاعدة، ويُترك المدنيون في مرمى النيران دون حماية.
في ظل غياب رقابة دولية حقيقية، وبقاء الملف السوري في دوائر التجاهل العالمي، لا يبدو أن هذه الأرقام ستكون النهاية، بل بداية موجة أوسع من الدم، ما لم تتحمّل الحكومة السورية والأطراف الدولية مسؤوليتها الكاملة في حماية المدنيين ووقف الكارثة قبل أن تخرج عن السيطرة تماماً.