اقرأ الخبر

هاني العراقي يكتب: الشائعات الاقتصادية... سلاح خفي يهدد استقرار الأسواق وثقة المستثمرين

الجمعة 16 مايو 2025 10:37 مـ 18 ذو القعدة 1446 هـ
هاني العراقي
هاني العراقي


في زمن السرعة وانتشار المعلومات، أصبحت الشائعات الاقتصادية أحد أبرز التحديات التي تواجه استقرار الأسواق وثقة المستثمرين، خاصة في الاقتصادات الناشئة. فقد أثبتت التجارب أن خبرًا زائفًا أو معلومة مضللة يمكن أن تُحدث هزة في البورصات، وتؤدي إلى اضطراب في سعر العملة، أو حتى انهيار قطاعات اقتصادية بأكملها.

تأثير مباشر على الأسواق المالية

عندما تنتشر شائعة عن إفلاس شركة كبرى، أو تخفيض وشيك في قيمة العملة، غالبًا ما تسارع الأسواق إلى التفاعل فورًا. المستثمرون يتخذون قرارات سريعة بناءً على العاطفة وليس التحليل، ما يؤدي إلى موجات بيع جماعي للأسهم أو تحويلات كبيرة للعملات الأجنبية. النتيجة؟ خسائر بمليارات الدولارات وانخفاض في قيمة المؤشرات المالية.

تآكل ثقة المستثمرين

الثقة هي أساس أي اقتصاد مستقر. الشائعات تقوض هذه الثقة، وتجعل المستثمرين المحليين والأجانب في حالة تردد دائم. فعندما يشعر المستثمر أن بيئة الاستثمار معرضة للتقلب بفعل الأخبار غير الدقيقة، فإنه يبحث عن بدائل أكثر أمانًا في بلدان تتمتع ببيئة معلومات موثوقة ومؤسسات قوية لمكافحة الشائعات.

الضرر الذي يصيب المشروعات الصغيرة والمتوسطة

الشائعات لا تقتصر آثارها على الكيانات الكبرى، بل تمتد أيضًا إلى رواد الأعمال والمشروعات الصغيرة. فقد تؤدي شائعة عن زيادات مرتقبة في أسعار المواد الخام أو تغيير في قوانين الضرائب إلى عزوف بعض أصحاب الأعمال عن التوسع أو حتى تأجيل خطط الاستثمار، ما ينعكس سلبًا على النمو الاقتصادي وفرص العمل.

دور وسائل التواصل الاجتماعي

أصبحت منصات التواصل الاجتماعي بيئة خصبة لانتشار الشائعات الاقتصادية، نظرًا لسرعة انتشار المحتوى وضعف التدقيق. ومع غياب الإعلام الاقتصادي المتخصص في بعض الدول، تزداد خطورة تلك المنصات في تضليل الرأي العام وإشعال الذعر بين المواطنين.

الحلول: تعزيز الشفافية وسرعة الرد الرسمي

للتصدي لتلك الظاهرة، لا بد من تعزيز الشفافية الحكومية من خلال إصدار تقارير دورية دقيقة، والرد السريع على الشائعات من مصادر رسمية موثوقة. كما أن تعزيز الثقافة المالية لدى المواطنين يلعب دورًا مهمًا في التصدي للأخبار المضللة، عبر تمكين الأفراد من قراءة المؤشرات الاقتصادية وتحليل البيانات بصورة مستقلة.

خلاصة القول

الشائعات الاقتصادية ليست مجرد "كلام عابر"، بل سلاح خفي قد يُدمّر اقتصادًا بأكمله إذا لم تتم مواجهته بوعي، وشفافية، وإعلام متخصص. وفي الوقت الذي تسعى فيه دول عديدة لجذب الاستثمار وتعزيز النمو، تصبح محاربة الشائعات مسؤولية وطنية تتشارك فيها الحكومات والإعلام والمواطنون.