اقرأ الخبر

قصة مأساة عمرها 41 عاماً: حكم قضائي معلّق بسبب ”تحديث الدراسة الأمنية”

الأربعاء 7 مايو 2025 02:07 مـ 9 ذو القعدة 1446 هـ
مديرية أمن المنيا - اقرأ الخبر
مديرية أمن المنيا - اقرأ الخبر

في واحدة من أغرب وأطول القضايا المدنية في مصر، تمتد فصول هذه الحكاية لعقود أربعة، تروي معاناة إنسانية لأُسرة بأكملها تنتظر تنفيذ حكم قضائي نهائي منذ عام 1984، لكن الروتين الأمني وتعقيدات الدراسات التي لا تنتهي تحول دون تحقيق العدالة، حتى يومنا هذا.

بداية القضية: وعد العدالة المؤجل

بدأت القصة بالدعوى المدنية رقم 1 لسنة 1984، حيث تقدم المواطن علواني فاروق علواني قطب بدعواه القضائية في مواجهة خصومه، ومضت السنوات ثقيلة وبطيئة حتى صدر الحكم النهائي لصالحه بتاريخ 28 ديسمبر 2017، بعد أكثر من ثلاثة عقود من الانتظار والمعارك القانونية.

لكن مع صدور الحكم، لم تنتهِ القصة. بل بدأت جولة جديدة من المعاناة، هذه المرة في أروقة الاستئناف والتقاضي الذي لا ينتهي، حيث:

  • تم رفع أكثر من 15 استئنافًا على الحكم، وكسبها جميعًا.

  • تم تقديم 5 التماسات لإلغاء الحكم، وكسبها جميعًا.

  • تم رفع دعوى بطلان للدعوى الأصلية، وكسبها.

  • تم رفع جنحتين بالتزوير، وكسبهما أيضًا.

دراسة أمنية.. لا تنتهي

ورغم أن جميع المسارات القانونية انتهت لصالحه بشكل قاطع، إلا أن الحكم ظل حبيس الأدراج، بسبب ما يُسمى "الدراسة الأمنية"، والتي استغرقت أكثر من عام ونصف، صبر فيها المدّعي صبرًا يشهد عليه الزمن.

وأخيرًا، وبعد طول انتظار، تم تحديد موعد تنفيذ الحكم يوم 28 أغسطس 2024، لكن ما حدث بعد ذلك كان صدمة جديدة.

فوجئ المواطن بأن التسليم قد تم تأجيله مجددًا بحجة "تحديث الدراسة الأمنية"، ومنذ ذلك الحين، لم تخرج الورقة الأمنية من مركز شرطة ديرمواس بمحافظة المنيا، ولا تزال الإجراءات معلّقة هناك، بانتظار توقيع لم يتم حتى اليوم.

وكلما سأل المواطن عن مصير ملفه، لا يتلقى سوى الرد: "لم يتم تأشيرها حتى الآن".

استغاثة من أجل جبر الخواطر

في رسالة استغاثة مؤثرة، وجه المواطن نداءه إلى:

  • معالي اللواء مفتش مكتب جهاز الأمن الوطني بالمنيا

  • وإلى فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي، ودولة رئيس الوزراء مصطفى مدبولي

  • ومعالي وزير الداخلية اللواء محمود توفيق

  • وكل الجهات الأمنية والمحلية، بدءًا من مدير أمن المنيا إلى رئيس فرع البحث الجنائي علاء جلال.

يكتب المواطن:

"يؤسفني أن أكتب هذه المأساة التي طال انتظارها أزيد من اللازم، وفُنيت أجيال وأنا على وشك الانتهاء من طول الانتظار... أستغيث بجميع من يشمله تحقيق العدالة لهذه الأسرة التي تتكون من:
1- أنا، علواني فاروق علواني قطب.
2- والدتي، التي تبلغ من العمر 76 عامًا، وهي ما زالت تنتظر تحقيق عدل ربنا.
3- عدد 6 شقيقات بنات، لا يملكن إلا الصبر والأمل في عدالة السماء بعد أن طال انتظار عدالة الأرض".

ويتابع:

"ما زلت أجري وأطالب بحقي المنهوب من المدّعى عليهم الذين يستضعفوننا ويحاولون إجبارنا على التنازل عن الحكم الصادر لنا بكل الطرق غير المشروعة وبكل أساليب البلطجة".

الطلب الأخير: توقيع يساوي حياة

النداء الأخير كان واضحًا ومحددًا:
"مطلوب التوقيع على تحديث الدراسة الأمنية وإتمام تنفيذ الحكم، الذي لا يتطلب سوى إمضاء من السادة المحترمين في مركز شرطة ديرمواس، وإرساله إلى مديرية أمن المنيا لاستكمال الإجراءات القانونية اللازمة لتنفيذ حكم المحكمة".

بعد 41 عامًا، لم يطلب المواطن سوى أن يُنفّذ حكم قضائي صادر باسمه. لم يعد يطلب أكثر من العدالة، وجبر الخواطر، وحق مشروع تنتظره أم مسنّة وأخوات فقدن العمر في دروب الانتظار.